إنَّ كلَّ رجلٍ يحاول أنْ يتفهَّم طبيعةَ حُبِّ المرأة ومقداره، وقليلٌ من الرِّجال مَن ينجح في محاولته هذه؛ لذا يلومون أنفسهم كلَّ اللوم؛ لأنهم يفشلون الفشلَ كلَّه في الوصول إلى حقيقة ذلك.
أما المرأة، فقد أَلْصَقَ الرجل بها صفاتٍ قدرها لها شخصيتها، خاصة العِفَّة والحَياء، كذلك هو يقول عنها: أنها كتمتْ عن نفسها الشيء الكثير، فهو يحاول تعرُّفَها، ومحاولتُه غير موفَّقة.
إن عوامل الحياة كامنة في المرأة عمومًا، وتراها أَبْيَنَ في المرأة التقليديَّة؛ غير أنَّ المرأة المتمدِّنة حاولتْ - وتحاول اليوم - أن ينكشفَ الغطاءُ، فتزيح ذلك الجهلَ الذي استولى على فؤادها زمنًا طويلًا، فكان منه أن أوردها مواردَ الهلاكِ.
وقد احتال الرجل للمرأة، فوضع لها عِلمًا، وأباح لها أن تغترفَ من منهله، وأقام لها قوانينَ تَحُولُ بينها وبين ما تصنع.
ولكن بَقِي هو لا يعرفُ عن داخلها النفسي شيئًا، وهو إلى الساعة يشتكي أمرَ حُبِّها، ولن يصلَ إلى تعرُّف أمرِها ما دام هو يحول بينها وبين العِلم بالحياة.
إنَّ الرجل يحبُّ المرأة، ويحلو له أن يكونَ أسيرَ غرامِه؛ ولكنه يتألَّم؛ لأنه لم يصل إلى تكشُّف أغراض المرأة في حُبِّها.
إنه لنقصٌ مريع أن يتزوَّج النسوةُ المتعلِّمات، ولا يَعْلَمْنَ شيئًا عن حقائق الحياة الزوجيَّة، وإن عَلِمْنَ فعِلْمُهنَّ قليلٌ جدًّا.
يرى الرجلُ جمودًا في المرأة، ويحس بثِقَلِه على حياته الزوجيَّة، ويقرِّر أن هذا طبيعةٌ فيها، فإذا شكا الرجل جمودَ المرأة واستهانتها وتغيُّر أحوالها، فهو يحاول - إذ ذاك - ألا يُلقي التَّبعة على نفسه.
ها هو "بلزاك" يقول: إن الكثيرين من الرجال يتزوَّجون وهم يجهلون المرأة، ويجهلون الحبَّ جهلًا عميقًا!
إن هناك غبطةً تتملَّكُ كلًا مِن الرجل والمرأة في الزواج، وهناك أيضًا أوهام وظنون تمتلَّك على الطرفين كلَّ اعتقاداتهما في الزواج، حتى إنَّ المتعلمين من الرِّجال أيضًا يعتقدون اعتقاداتٍ عليها من الجهل القديم رداءٌ.
ويختلف كلٌّ من الرجل والمرأة في موقع الحبِّ من نفسه، فإن الحبَّ في المرأة ينتقل من رُوحها إلى حواسها، وهو في الرجل ينتقل من حواسه إلى رُوحه، وهذه النظرية إنما كانت سببًا إلى آلامٍ كثارٍ تنتابُ الرجلَ والمرأةَ.
وسيظلُّ الشقاءُ يمتلك الحياة المنزليَّة، والمآسي العائلية تهدم في كيان البيت؛ حتى يتعلَّمَ الرجلُ أن الحبَّ في الزواج فنٌّ يحتاج إلى مهارة وقدرة، وهي عوامل قَيِّمَة يحصل بها على المرأة.
الكاتب: د. زيد بن محمد الرماني
المصدر : موقع الألوكة